العنصرية تطال وسائل النقل والإتصال!
2011-07-28
عنصرية إسرائيل ضد فلسطينيي الخط الأخضر حتّى في وسائل النقل والاتصالات!ضمن مشروع "مضمون جديد" لتشجيع كتابة التحقيقات الصحافية،والمشترك بين مركز إعلام، عمان نت وشبكة امين- رام الله. أعد الزميل خالد وليد أبو أحمد من صحيفة كل العرب وموقع العرب، التحقيق التالي
عنصرية إسرائيل ضد فلسطينيي الخط الأخضر حتّى في وسائل النقل والاتصالات!
كشفت إحصائيّات جديدة وجهًا آخر لعنصريّة إسرائيل ضد المواطنين العرب الفلسطينيين في الداخل الفلسطينيّ، حيث بيّنت أنّهم يضطرون لإنفاق أكثر من 20% من دخلهم على وسائل الاتّصال والنقل في ظل عدم توفّر وسائل نقل عامّة في تجمّعاتهم وغياب شبكة مواصلات حقيقيّة تربطهم بباقي مناطق البلاد.
وبحسب ما يوضّحه المسح الاجتماعيّ الاقتصاديّ لعام 2010 الذي أجرته جمعيّة الجليل – الجمعيّة العربيّة القطريّة للبحوث والخدمات الصحيّة، فقد تضاعف إنفاق المواطنين العرب الفلسطينيين في الداخل الفلسطينيّ على وسائل الاتّصال والنقل بنسبة 100% منذ العام 2007.
وكان مسح آخر قد أجري في عام 2007 قد اظهر أنّ العائلة العربيّة التي تضم 4-5 أفراد، تنفق على وسائل النقل والاتصالات ما نسبته 10.3% من دخلها الشهري الذي لَم يتجاوز آنذاك 7100 شاقل (نحو 2100 دولار). ويبلغ المتوسّط العام للإنفاق الشهريّ للعائلة العربيّة في إسرائيل حسب المسوح الجديدة نحو 8300 شاقل ( نحو 2500 دولار).
وشملت عينة المسح 1931 أسرة في 28 بلدة عربيّة في إسرائيل التي يبلغ تعداد سكانها 7.2 ملايين نسمة منهم 1.23 مليون من العرب (17%)، 82% منهم مسلمون و9% مسيحيون و8% من العرب الدروز. ويعيش 7% من فلسطينيي الداخل في قرى تخلو من خدمات الماء والكهرباء وبقيّة الخدمات الأساسيّة، لأن إسرائيل لا تعترف بها وتسعى من أجل ترحيل سكانها لمراكز تجميع سكاني طمعا بالأرض كما يؤكد سكانها.
كما يعيش مائة ألف نسمة في المدن الساحلية التاريخية (عكا وحيفا واللد والرملة ويافا) التي باتت تعرف بالمدن المختلطة، ويشكّل المهجرون داخل وطنهم 17%.
معطيات
ووفقًا للتقسيم الجغرافيّ في معطيات المسح الاجتماعيّ الاقتصاديّ الأخير لجمعيّة الجليل، فان متوسّط الإنفاق الشهريّ للعائلة العربيّة القاطنة في مركز البلاد تُنفق 23.9% من متوسّط إنفاقها الشهريّ على وسائل الاتّصال والنقل مقابل 21.3% للعائلة العربيّة القاطنة في منطقة حيفا، ومقابل 20.8% للعائلة العربيّة القاطنة في منطقة الجنوب.
بينما نجد أنّ إنفاق العائلة العربيّة في الشّمال لا تتعدّى الـ 18% حيث تُعتبر أقل إنفاق من بين العائلات العربيّة القاطنة في مناطق أخرى في البلاد. ويظهر المسح، الذي اعده "بنك المعلومات-ركاز" في جمعية الجليل، أنّ العائلات العربيّة التي تتقاضى مخصّصات من التأمين الوطنيّ تُنفق على وسائل الاتّصال والنقل لمعدّل 15.3% من متوسِّط الإنفاق الشهريّ لهذه العائلات.
ومن المشاكل الحساسة التي كشف عنها المسح أن 92% من العرب يسكنون في مناطق تبعد عن أقرب مستشفى أكثر من خمسة كيلومترات. ويلاحظ المسح كذلك أنّ العائلة العربيّة التي تتكوّن من 4-5 أفراد، هي الأكثر إنفاقًا على وسائل الاتّصال والنقل من بين العائلات العربيّة وفقًا لعدد أفرادها، حيث تنفق ما مقداره 20% تقريبًا من متوسّط إنفاقها الشهريّ!
إهمال متعمد
وأوضح مكتب العلاقات العامّة في جمعيّة الجليل وفي تعقيب مكتوب: "أنّ 13.1 % من متوسط الإنفاق الشهريّ للأسر العربيّة يخصص لوسائل النقل، حيث أن 69.9% من الأسر العربيّة تمتلك سيّارة خاصة واحدة على الأقل (59.4% سيارة واحدة و 10.5% سيارتين فأكثر)"
وأردف المكتب في تعقيبه: " إنّ المشكلة الأساسيّة التي يعاني منها المجتمع العربيّ في قضية المواصلات هي عدم توفير مواصلات عامة داخل القرى العربيّة، وعدم بناء شبكة مواصلات حقيقيّة تساعد المجتمع العربيّ في التواصل مع المناطق المركزيّة في الدولة"
وتابع: "إنّ جميع مخطّطات الدولة للمواصلات، خاصةً تلك التي تُصادر أراضي لعائلات عربية من أجل تنفيذها - كشارع رقم 6 وغيره من الشوارع - لا تأخذ بعين الاعتبار احتياجات المجتمع العربيّ في التنقّل بالصورة الأنجع والتي قد تُقلل من إنفاق المجتمع عامةً على التنقل" وقال: "أنّه كما هو معروف فأن تكلفة المواصلات العامة في إسرائيل مدعومة من قبل الحكومة وبالتالي تكون أوفر من استخدام السيارات الخاصة لغاية التنقّل"
شارع في خدمة التهويد
وشارع رقم 6 هو الاسم التقنيّ لما يعرف بشارع "عابر إسرائيل"، الذي أقّرت إسرائيل شقّه عام 1976، وهو نفس العام الذي يعرف بعام الأرض. وهذا الشارع، كما وصفه النائب في البرلمان الإسرائيليّ حنّا سويد، رئيس مجلس محلي عيلبون سابقًا، في دراسة معمّقة "هو الأداة العصريّة لتهويد النقب والمثلث والجليل".
وقال سويد في الدراسة "تبرّر المؤسّسة الرسميّة الحاجة لشق شارع عابر إسرائيل بحجج شتى من بينها ضرورة تطوير شبكة المواصلات القطريّة ودفع النشاط الاقتصاديّ في البلاد، إلا أنّ أقوى المبرّرات التي تستعمل لتسويق الشارع في الأوساط اليهوديّة فهي تلك التي تبيّن الهدف الاستراتيجيّ (الجغرافيّ - السياسيّ) من وراء شقّه".
وأوضح أن المبرّرات التي تستعمل لتسويق الشارع في الأوساط اليهوديّة هي "تسهيل المواصلات بين مستوطنات الجليل والنقب من جهة وبين وسط البلاد من الجهة الأخرى، وزيادة جاذبيّة الجليل والنقب للاستيطان، وتقريب الأطراف للمركز بتقصير مدّة وتكلفة السفر بين هذه المناطق، والمساهمة في تحقيق الهدف الاستراتيجي بتوزيع السكان من المركز لأطراف البلاد"
وكما يؤكد مكتب العلاقات في جمعيّة الجليل في تعقيبه، فان معطيات مسح الجمعية "تعكس الواقع الذي يعيشه المجتمع العربيّ، حيث أنّ نسبة لا يمكن الاستهانة بها من مصروفه تخصص للتنقّل، رغم أنّ الحكومة تقدّم مساعدات في هذا الشأن ولكن المجتمع العربيّ لا يستفيد من هذه المساعدات والتسهيلات لأنه لا يؤخذ بعين الاعتبار منذ لحظة التخطيط وحتى تنفيذ هذه المخططات"
استغلال الشركات
إلى ذلك، فقد وصف الخبير الاقتصاديّ أمين فارس نسبة الإنفاق الشهري للعائلات على الاتصالات، كما يظهرها المسح، والبالغة نحو 7%، بأنّها "عالية" وناجمة عن "استغلال" شركات الهاتف الخليويّة للمواطنين. وقال "من الواضح أنّ وسائل الاتّصال بالأخصّ، أصبحت جزءًا بالغًا من الإنفاق العام للعائلة، وهذه النسبة التي يتحدّث عنها المسح هي نسبة عالية نسبيًّا"
وأضاف: "إنّ متوسّط الدخل للعائلات العربيّة منخفض نسبيًّا، لذلك فان أي مبلغ قد تُنفقه العائلة العربيّة قد يُشكِّل نسبة عالية، بالإضافة إلى أنّ إنفاق العائلة العربيّة على مُستوى وسائل الاتّصال غير مقيّد أو محدّد بشكل مُسبق، ممّا يؤدّي إلى فرط كبير في هذا الإنفاق". وعزا فارس الارتفاع الكبير لإنفاق العائلة العربيّة على وسائل الاتّصال إلى "استغلال الشركات الخليويّة للمواطن، من خلال زيادة الخدمات الموجودة للزبائن، وقد أصبحنا نرى استعمالات واستخدامات إضافيّة للهاتف الخليويّ ممّا يزيد من الإنفاق الشهريّ".
وبحسب ما يظهر مسح جمعية الجليل، فان العائلات العربية في مدن المركز تحتل المرتبة الاولى في الانفاق على الاتصالات وقد اعتبر فارس ان "ذلك يرجع لمستوى الدّخل العالي نسبيًّا في منطقة المركز، فبالتالي سيكون الإنفاق بشكل أكبر وأضخم" واعتبر الخبير الاقتصادي ان "قضيّة الإنفاق على الهواتف الخليويّة بشكل خاص، يُمكن (ترشيدها) من خلال تحديد نفقة العائلة العربيّة في هذا المجال، وأنّ يستهلك المُستهلك بقدر حاجته لا أكثر" واختتم حديثه قائلا: "نحن بحاجة لترشيد في الاستهلاك، وأن نعي جيِّدًا كيف نُنفق وعلى ماذا؟".
في هذا السياق فلا بدَّ أن تقوم كل عائلة عربية في هذه البلاد في إعادة ترتيب إنفاقاتها الشهرية بما يتماشى مع دخلها الشهري بما في ذلك على وسائل الاتصال والنقل حتى يكون بمقدورها أن تتم الشهر من دون مد يدها لقروض بنكية أو تعدى إطار الائتمان لحسابها البنكيّ للتكلفة العالية التي يدفعها المقترض والتي تزيد أعباء العائلة العربيّة...!