إعلام إسرائيل رهينة اليمين المتطرف
2011-11-17
في أعقاب المصادقة على تشريع يمس بعمل المنظمات الحقوقية .
إعلام: إسرائيل باتت رهينة لنزوات اليمين المتطرف .
يرى مركز "إعلام" تراجع رئيس الحكومة عن تأييده لمقترحات القانونيّن المتعلقيّن بدعم الجمعيات المادي، واللذيّن يهدفان حجب الأموال عن منظمات حقوقية، وهو ما بات يعرف بـ "قانون تجفيف الجمعيات اليسارية" خطوة تعكس أهمية الضغوط السياسية والجماهيرية بما يتعلق بعمليات التشريع غير الديمقراطية التي تقوم بها الحكومة الحالية.
وتنص اقتراحات القوانين المتعلقة بالجمعيات على منع المنظمات الحقوقية من تلقي تبرعات تزيد عن ستة آلاف دولار من جهات أجنبية، مثل الأمم المتحدة أو احد أذرعها أو الاتحاد الأوروبي، وإلغاء التفضيل الضريبي التي كانت تحصل عليه تلك المؤسسات على الدعم المالي من الجهات المانحة.
ويرى "إعلام" في مشروعي القانون حول الجمعيات والذي أيده 11 وزيرًا مقابل خمسة معارضين في جلسة اللجنة الوزارية للتشريع يوم الأحد السابق تراكمًا نوعيًا خطيرًا لقوانين عنصرية تتناقض جوهريًا مع منظومة القيم الإنسانية والحقوق الأساسية لمجموعات سكانية، تضمن حقها في ممارسة رؤيتها ومنظورها الأيديولوجي أو السياسي أو الثقافي. لا شك بان مجموعة القوانين العنصرية التي تمررها أغلبية أوتوماتيكية بالكنيست تقوض أسس اللعبة السياسية المبنية على الحقوق الدستورية وتستغل الإجراءات الديمقراطية لتأسيس منظومات سلوكية وعقائدية تتناقض مع ماهية الديمقراطية ومضامينها القيميّة.
ويؤكد "إعلام" أن تلك القوانين تعتمد تقليص الحيز العام للنقاش السياسيّ من خلال القضاء على المنظمات الأهلية المدنية التي لا تتقبل دكتاتورية الأغلبية، مما يشكل استغلالا للإجراءات الديمقراطية من أجل فرض انصياع المجتمع، بما في ذلك أصحاب مواقف وسيطية لمواقف زمرة من السياسيين اليمنيين المتطرفين واختزال الرأي العام والسياسات العامة بإرادة متزمتة لا تقبل حتى الحلول الوسطية. أن هذه التطورات التي تستهدف قوى يسارية وليبرالية على حد سواء هي مؤشرٌ خطيرٌ للتدهور الحاصل في السياسة الإسرائيلية والتي أصبحت تُدار وفقًا لنزوات اليمين المتطرف الذي شرعّن سياسات "جباية الثمن" ويحاول اليوم نزع الشرعية عن المطالب الحقوقية لمؤسسات المجتمع المدنيّ، ملغياً بذلك محورية منظومة الحقوق الديمقراطية الأساسية المبنية على الحق في الاختلاف.
ويشدد "إعلام" على أن نقد سياسات الحكومة ليس شرعيّا فحسب، بل هو جوهري وأساسي، مما يؤكد على خطورة المس بحرية العمل؛ وحرية التعبير؛ وحرية التنظيم الأمر الذي تقوم به مجموعة القوانين التي طُرحت مؤخرًا ومنها ايضًا: اقتراح قانون يعزز التدخل الحكومي في تعيين القضاة والذي تمت المصادقة عليه في القراءة الأولية؛ واقتراح قانون يحرف مفهوم القذف والتشهير من أجل ترهيب وسائل الإعلام النقدية والحد من تحقيقها في أمور عامة وسياسيات حكومية وذلك من خلال رفع مبالغ الغرامات المفروضة على وسائل الإعلام في حال أدينت بالقذف والتشهير. هذه القوانين ليست وليدة صدفة وإنما تنبع من برنامج دستوري محكم يستهدف الأركان الأساسية للدستورية الديمقراطية المتمثلة بقضاء قوي ومستقل وبإعلام صوته عالي ونقدي وبمؤسسات مجتمع مدني وعلى رأسهم مؤسسات حقوق الإنسان ذات التزام أخلاقي عام ومبدئي. وتضاف هذه القوانين والاقتراحات التي يتم تداولها في الكنيست الآن على مجموعة قوانين استهدفت الأقلية الفلسطينية مثل قانون النكبة ولجان القبول وأخرى، مؤكدة الادعاء بأن عمليات القوننة اليمينية المتطرفة لن تتوقف عند الأقلية الفلسطينية وإنما ستطال كل من لا يوافقها الرأي، بما في ذلك من يعتبرون أنفسهم مصونين بمجرد انتمائهم القومي.
ويحذّر مركز "إعلام" من أن حقوق الإنسان كالدرع الواقي للجميع، إذا تحطّمت الى أجزاء، سيكون المجتمع برمته في خطر، لاسيما عندما تُغيب الإعتبارات الإخلاقية والإنسانية لصالح السياسية منها، حيث تم إبراز هذا الموضوع في مسودة قانون حجب الأموال عن منظمات حقوقية من مصادر أجنبية والتي جاء فيها أن القانون "جاء على خلفية النشاط المتواصل لمنظمات كثيرة تعمل تحت غطاء منظمات حقوق إنسان إلا أنها تتحرك للتأثير على السجال السياسي وعلى طابع دولة إسرائيل وسياستها".
ويشجع "إعلام" كافة مؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسهم مؤسسات حقوق الإنسان عدم الخوف من هذه الموجة من القوننة الفاشية ومواجهتها بالوسائل القانونية والدستورية المتاحة. كما يطالب المؤسسات الحقوقية الدولية ومؤسسات سياسية دولية وعلى رأسهم الإتحاد الأوروبيّ التدخل للحد من هذه القوانين وتحذير القائمين عليها بأن استمرار هذا النهج ستكون له عواقب وخيمة على المستوى الإسرائيلي الداخلي، ممكن مقارنته مع تجارب في دول في التاريخ غير البعيد وعواقب دولية خطيرة.