بحث إعلام حول تحديات مهنة الصحافة
2012-12-01
علام في بحثه حول تحديات مهنة الصحافة : يجب العمل على مهننة الصحافة والصحافيين وتنشئة أجيال قارئة
· يحيى- يونس: الإعلام سوق مخترق وهناك متطفلين على المهنة
· البطش: كل الظروف والمعوقات لا تعني باني لا يمكن أن أكون صحافية محترفة
· كيوان: إعلامنا منبر حر أكثر من فضائيات مشهورة وغنية
· عواودة: لو كان إعلامنا ناقداً لما تجرأت القيادات على العبث بمصيرنا السياسي
· نفّاع: من الطبيعي أن نتعرض لتهديدات وعنف، وأرفض أن يقول الصحافي بأنه "يخاف"
في ندوة خاصة أقيمت مساء أمس الأحد السابع والعشرين من شهر تشرين الثاني، عرض مركز إعلام نتائج أحدث أبحاثه الذي حمل عنوان "تحديات المهنة الصحافية: بين استقلالية الصحافيين ووطأة ظروف العمل" وهو بحث عمل على إعداده كل من أمل جمّال ورنا عوايسة، ويتطرق إلى ظروف عمل العاملين في حقول الإعلام المختلفة من العرب الفلسطينيين في أراضي 1948، والذين يعملون في شتى وسائل الإعلام المحلية، القطرية والعالمية على اختلاف اختصاصاتها مقروءة أو مسموعة أو مرئية. وجدير بالذكر ان هذا البحث هو الأول من نوعه حيث لم يجر في السابق أي بحث يتطرق الى ظروف عمل الصحافيين الفلسطينيين في الداخل.
افتتحت الندوة سناء وتد، عضو إدارة مركز إعلام وميسّرة الندوة ، حيث رحبت بالحضور وأكدت على الدور الهام الذي يلعبه إعلام في الحيز الإعلامي العربي في البلاد، منوهة إلى ان استنتاجاتها من قراءة البحث تتلخص في أن الإعلام؛ أي إعلام في العالم؛ سيحظى بثقة الجمهور عندما يقوم بدوره كما يجب، وعندما يضع نصب عينيه المصداقية والمهنية. بدورها رحبت هيلين كورتلاندر ممثلة عن صندوق فريدريخ ايبرت الألماني الداعم للبحث، بالحضور وعبرت عن مدى رضا القائمين على الصندوق من العمل مع مركز إعلام للسنة الثانية على التوالي، مؤكدة على أهمية ما يقوم به المركز من فعاليات تثري الجانب التوعوي والتدريبي والبحثي لدى المجتمع الفلسطيني في البلاد.
من ثم قام معدا البحث بعرض ملخص لأبرز نتائج البحث وتوصياته، حيث قدم جمّال شرحا مقتضبا حول سيرورة العمل وعملية إحصاء عدد العاملين في حقل الإعلام، كما قدم موجزا لكيفية اختيار عينة البحث ومنهجيته. ونوه جمّال في حديثه إلى أن هناك قصور ذاتي لدى الصحافيين ومعظمهم غير واعٍ لدوره، ولا يرون بدورهم دورًا قياديا في المجتمع. كما أن معظم الصحافيين قاموا بتحميل المسؤولية عن الوضع الذي آل إليه الإعلام العربي المحلي إلى أسباب عدة لكن أحدا منهم لم يحمل نفسه المسؤولية. وأضاف: لا يصف الصحافيون الواقع المهني بشكل كامل، هناك واقع آخر لا يتحدثون عنه. ولا يخفى ان وضع الصحافة قطريا وعالميا ليس في أفضل أحواله لكن علينا بالمقابل ان نفحص لماذا تتراجع قراءة الصحف العربية المحلية فيما لا تزال صحف مثل "الجارديان" و "هآرتس" تحظى بنسبة قراءة عالية. يجب العمل من جهة على مهننة الصحافة والصحافيين ومن جهة أخرى على تنشئة أجيال قارئة وناقدة".
ولمناقشة البحث ونتائجه تمت استضافة كل من د. تغريد يحيى – يونس، الكاتب والصحافي سهيل كيوان، الصحافية ماجدة البطش، الكاتب والصحافي وديع عواودة، والصحافي هشام نفاع. افتتحت الندوة بمداخلة د. يحيى – يونس المحاضرة في جامعة تل أبيب التي قالت: " لا شك في ان البحث مهم جدا حيث انه الأول الذي تعرض لموضوع لم يبحث بعد، ومنهجيته الكيفية التي اعتمدت على المقابلات المعمقة تمنح الإمكانية للوقوف على التناقضات لدى كل شخص مشارك في العينة وداخل العينة ككل. من المهم ان نعرف كباحثين وقراء ماهية المسؤولية التي نعوّلها على العاملين في الإعلام، خاصة وأنهم يقدمون منتجا يدخل كل بيت وهو مثار للكثير من النقاشات الجماهيرية. ومن حيث اللغة هناك أهمية خاصة لصدور هذا البحث باللغة العربية، عندما نصدر بحثا فإننا ننتج معرفة فنسأل دائما: من هو جمهور هدفنا ولمن نكتب؟ وان صدور هذا البحث باللغة العربية هو بالغ الأهمية لأنه يزيد من منالية الموضوع للقارئ العربي".
أما حول ما جاء في معرض البحث فقالت: " يتضح من خلال البحث ان هناك صراعات داخل هذه المجموعة ولا تتضح فيها التصنيفات الداخلية.، كما لاحظت من خلال أقوال الصحافيين فان الإعلام هو سوق مخترق وهناك متطفلين على المهنة".
الكاتب الصحافي سهيل كيوان المحرر في صحيفة كل العرب قال في مداخلته: " إن أهمية البحث تكمن في توثيقه لكل ما يدور في فضاء الإعلام شفهيا. ورغم تسليطه الضوء على المستوى الذي آل إليه إعلامنا إلى أنني أوجه تحية لإعلامنا المحلي وأؤكد بأننا منبر حر أكثر من الكثير من وسائل الإعلام في العالم العربي، يمكننا في الكثير من الحالات نشر ما لا تتمكن فضائيات كبيرة وغنية من نشره، ويمكننا تغطية ما لا يغطيه الإعلام الإسرائيلي الموجه". وتابع: " الشأن الاقتصادي لا شك مهم جدا في العمل الإعلامي وفي مستوى المنتج الذي نقدمه لكننا ضعفاء اقتصاديا، نحن ملحق اقتصادي لإسرائيل، فكيف نتحرر مضمونا عندما نكون متعلقين اقتصاديا بطرف آخر، لذا أنا أتفهم مالكي الصحف بسبب محدوديتهم، واعرف أن عنوانا على الصفحة الأولى يمكن أن يؤدي إلى خسارة عشرات آلاف الشواقل".
الصحافية ماجدة البطش من وكالة الأنباء الفرنسية أشارت في بداية حديثها إلى أن الصحافة العاملة في القدس أكثر تعرضا للرقابة العسكرية من الإعلام العامل داخل أراضي 1948، ومن ثم تطرقت إلى العلاقة بين المجتمع العربي والإعلام قائلة: مجتمعنا لا يزال مجتمعا عشائريا، عندما اكتب عن نتنياهو لن تأت عائلته لتحاسبني بينما يحدث هذا في مجتمعنا، لكن رغم كل الظروف والمعوقات يمكن أن أكون صحافيا محترفا، بالحنكة والمهنية يمكنني اختراق المحظورات، هناك أساليب صحفية كثيرة وعلى الصحافي أن يكون لماحًا وان يجمع المعلومات الأكيدة ويفحصها مليا قبل نشرها، لأنه يمكن أن يقع في فخ مصالح شخصيات معينة دون أن يشعر بذلك". أما عن دور الصحافة وتأثيرها على المجتمع فقالت البطش: " شعبنا يؤمن بالرواية الشفوية وهو غير قارئ، القصة التي تعلق في أذهان الناس هي التي تصل إلى آذانهم أولا. والإعلام لا يمكنه تغيير المجتمع رغم قدرته الجزئية على أن يكون منظما ومحرضا". وفي سياق المعيقات الأمنية نوهت إلى أن :" نحن نعتبر "عدو" في نظر إسرائيل، لذا فان طرق الموضوع الأمني حساس جدا، والمؤسسة الإسرائيلية تتبع أسلوب التضليل في توفير المعلومات أو التعقيب عليها، وعلى الرغم من ذلك فان المهنية الصحافية لها قواعدها أيضا، فان الصحافة في العالم اجمع تنتهج التخصص، فلا يمكن لأي صحفي الكتابة عن القضية النووية مثلا".
بدوره قال الكاتب والصحافي وديع عواودة، رئيس تحرير صحيفة حديث الناس والمحرر في الجزيرة نت، أن: " البحث يعكس صورة حقيقية لإعلام مأزوم يحتاج إلى الكثير من الإصلاح والعمل من اجل تطابق معايير المنشود مع الموجود. الصحافي اليوم هو جزء من المشكلة وليس جزء من الحل، وهم لا يستطيعون توفير الصورة الكاملة للوضع على الرغم من أنهم العامود الفقري للمجال، إلا أن مالكي الصحف لهم دور أيضا، فالاعتبارات المادية تقيد الإنتاج الصحفي". وعن دور الإعلام شدّد عواودة: " من واجبي ذبح البقرات المقدسة في المجتمع وتحدي الفساد والطائفية والقبلية والتخلف. قياداتنا غير متفقة وانشغالاتها تنحصر في قضاياها الشخصية، فلو كان هناك إعلام ناقد يقوم بالتحقيقات اللازمة لما كانوا يجرؤون على العبث بمصيرنا السياسي".
وفي سياق المعوقات الاقتصادية قال عواودة: " نتعرض لضغوطات اقتصادية لكننا جزء من المشكلة، علينا أن نواجه المالكين، وان نبني لأنفسنا مجال دخل آخر لا يجعلنا متعلقين بهم اقتصاديا. أما مهنيا فانا أؤكد بان صحافيينا يكتبون ولا يقرؤون مما يجعل المحرر ومن ثم مالك الصحيفة يستخف بعملهم".
المداخلة الأخيرة كانت للصحافي هشام نفاع المحرر في صحيفة الاتحاد وموقع قديتا. وقد قال: " عندما قرأت البحث شعرت انه هناك حالة نادرة لفهم هذا العالم الصغير. وشعرت بدفء لأن هناك من يهتم أخيرا لأمر الصحافيين. نحن كصحافيين نتحدث عن المشاكل والمعوقات كأفراد وهذا ضعف، يجب ان نرى بأنفسنا مجموعة عليها مسؤوليات، وقضية عدم التمكن من جمع المعلومات يجب أن تكون الباب لترك مهنة الصحافة، فان لب عملنا هو المعلومة التي تخرج للناس فتسبب الانفعالات والمواقف. قرأت في الاقتباسات عن تخوفات لدى الصحافيين وهذا غير مقبول عليّ، من الطبيعي أن نتعرض لتهديدات وعنف، ومن غير المهني أن يقول الصحافي انه "يخاف" أو "يخشى" عليه أن يكون مسؤولا في كيفية تعاطيه مع "رزمة التخلف" التي تضم العنف وانفلات السلاح وغيرها من القضايا الاجتماعية".
جانب من الحضور
وتابع نفّاع: " أحيانا اضطر لان أكون الصحافي والمحرر والمدقق اللغوي وحتى المصور، هذا غير طبيعي لكنه واقعنا المهني. وفي سياق الفروق بين الصحافة الحزبية والتجارية فإننا كصحافيين تفرقنا الولاءات، الولاء للحزب أو مالك الصحيفة، من نلوم في هذا الموضوع؟ علينا لوم أنفسنا فقط إذ لم ننجح قط بتشكيل نقابة، ونقابة الصحافيين الإسرائيلية لا تمثلنا – وأقول هذا عن تجربة. يحزنني أن هناك صحافيين مهنيين من الدرجة الأولى اضطروا لترك المهنة بسبب الظروف الاقتصادية وهذا جريمة بحق الإعلام، وهنا أرى الواجب في أن يصل البحث إلى أيدي مالكي الصحف ومديروها لقراءة النتائج ومناقشتها".
وفي ختام الندوة تم فتح باب الأسئلة أمام الحضور وقام الباحثون والمتحدثون في الندوة بمناقشة الملاحظات والإجابة على الأسئلة.
طاولة المتحدثين
لقراءة البحث كاملاً